Thursday, December 01, 2005

مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية: بين مطرقة الحوار وسندان الاتهامات


لعل الظروف التي أعقبت نشوء الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى على الساحة الدولية فرض على العديد من الدول والتجمعات الإنسانية بناء نوع من الحوار أو نوع من نسج العلاقات مع هذا العملاق الاقتصادي والعسكري الكبير.
إن القارئ للأحداث المفصلية في السنوات الخمسين الأخيرة من محاولة اغتيال جمال عبد الناصر إلى اغتيال السادات فالحرب (الأفغانية – الأفغانية) مرورا بتفجيرات نيروبي والخبر وظهور القاعدة وطالبان إلى الحدث الأبرز (هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية) وما تبعه من الحرب على أفغانستان وغزو العراق وصولا إلى تفجيرات لندن وشرم الشيخ ... جميع تلك المفاصل كان فيها عامل سمي حسب المفهوم الغربي التطرف الإسلامي.
وبما أن الحدث الذي حرك سياسة العالم الجديد ( من ليس معنا فهو ضدنا ) قد وقع في عقر دار ذلك العملاق فمن البديهي تأثر الجالية المسلمة بنوع من الأزمة في الثقة من قبل الطرف الأمريكي يعززه بعض الحملات الإعلامية التي يشنها عدد كبير من وسائل الإعلام الأمريكية تحت تأثير الجرح العظيم أو بهدف مقصود من بعض المنظمات التي تناصب المسلمين والعرب العداء وما تولد عنه من بعض الاعتداءات على الجالية المسلمة وبالتالي حدوث قدر من الشرخ في العلاقات بين المسلم والمجتمع الأمريكي الذي يعيش فيه .
من هي " كير"
إن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) Council American Islamic Relation CAIR حسب ما ورد في موقع المجلس على شبكة المعلوماتية هو أكبر منظمات الحقوق المسلمة الأمريكية والتي تهدف إلى تشجيع الحوار الأمريكي الإسلامي وزيادة فهم المجتمع الأمريكي للإسلام وتقوية التحالفات المعنية بنشر العدالة والفهم المتبادل وهي منظمة معنية بحماية حقوق وحريات المسلمين والدفاع عن صورتهم وصورة الإسلام وذلك من خلال 31 مكتبا في الولايات المتحدة وكندا .

كيف بدأت" كير"
في الأول من شهر يونيو 1994 أسس كل من نهاد عوض وعمر أحمد وإبراهيم هوبر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" لتكون أول منظمة حقوق مدنية أمريكية متخصصة في استقبال حالات التمييز العنصري والديني ضد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك حالات تشويه صورة المسلمين والإسلام في الإعلام الأمريكي. ولكن المؤسسين الثلاث وقبل أن يكونوا مفكرين ومنظرين كانوا رجال سياسة وإعلام وعلاقات عامة فكل من عمر أحمد ونهاد عوض هما رجلا سياسة وعلاقات عامة من الطراز الأول يرتكزان في عملهما على خلفيتهما الفلسطينية الأمريكية التي تمدهما برغبة قوية في الحركة والنشاط الدائمين, أما إبراهيم هوبر فهو صحفي رفيع ينظر إلى قلمه كأداة تغيير للواقع وهو يشغل منصب المدير الإعلامي للمجلس وهو على اتفاق مع شريكيه في إيمانهم بضرورة موافقة الفكر للواقع حيث يقر الثلاثة على أنهم لايسعون إلى تطبيق أفكارهم على أرض الواقع إلا إذا شعروا بتقبل المجتمع لأفكارهم حيث تأتي هنا وظيفة مركز البحوث التابع للمجلس في بناء حقائق وأفكار علمية تصف الواقع وتشكله.

كير والوسطية:
يفوق عدد المسلمين الموجودين في الولايات المتحدة سبعة ملايين مسلم من مختلف الأعراق, والإسلام كدين ينمو سريعا في الولايات المتحدة وأصبح المسلمون يتغلغلون أكثر وأكثر في الحياة الاقتصادية والاجتماعية الأمريكية لكن تزايد الضغط الإعلامي الذي تمارسه المنظمات واللوبيات المعادية للعرب والمسلمين كتبنيها لعدد كبير من الأقلام التي طالما اتهمت مسلمي أمريكا والعالم بالتطرف أوجب على للمسلمين إعادة رسم صورتهم لدى المجتمع الأمريكي, ولعل هذا ما أشارت إليه عدد من أشهر الدوريات الأمريكية مثل مجلة US NEWS & WORLD REPORT الشهرية في حديثها عن الاتجاهات الوسطية المعتدلة للمجتمع الأمريكي المسلم.
وفي أوائل عام 2000 نشرت مجلة THE LINK الأمريكية مقالا لنهاد عوض المدير التنفيذي للمجلس بعنوان المسلمون في الوسطية الأمريكية حيث يعد هذا المقال نموذجا لمجهودات كثيرة تبذلها "كير" لترسيخ الاتجاه الوسطي بين المسلمين والفائدة برأيها هو أن وسطية أي مؤسسة أو جماعة يساعد على ربطها بأقطاب عدة في آن واحد, وأن أول ما تسعى "كير" للارتباط به من أقطاب لتحقيق الوسطية هما قطبا الفكر والحركة.

تمويل "كير" أيضاً هو أحد أبعاد الوسطية:
يقول عمر أحمد أن اعتماد كير على المجتمع الأمريكي المسلم كمصدر أساسي لمواردها المالية حماها من الوقوع في دوائر الانحراف عن الوسطية التي تجتذب العديد من المؤسسات الأمريكية الإسلامية وغير الإسلامية التي تعتمد مواردها على مصادر محدودة أو مصادر أجنبية, فتقع في فخ إرضاء سيد واحد غالبا ما يكون غير مدرك لطبيعة المجتمع الأمريكي وحاجات المسلمين المقيمين فيه.

آلية عمل "كير"
إن صورة الإسلام والمسلمين تعرضت بعد أحداث سبتمبر2001 للتشويه مما فرض على جميع الدول والشعوب والمنظمات المسلمة والعربية تكثيف جهودها لتحسين هذه الصورة وقد فهمت " كير" هذه المعادلة ورأت أنه لمد جسور الحوار مع الشعب الأمريكي فإن هناك حاجة لحملات علاقات عامة تدافع عن الإسلام والمسلمين دون ربطهم بخلفية وطنية وعرقية معينة مستغلة كون أزمة سبتمبر 2001 أوجدت فرصة لا مثيل لها لتوعية الرأي العام الأمريكي بصورة الإسلام.
يقول علاء بيومي مدير الشؤون العربية في مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية أن التعاون مع وسائل الإعلام الأمريكية من أجل تحسين تعاملها مع قضايا الإسلام والمسلمين هو أحد أنشطة هذا المجلس وخاصة في فترة ما بعد أحداث سبتمبر/أيلول2001.
وتبدأ أنشطة المجلس على المستوى الإعلامي بمتابعة كل ما ينشر عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الأمريكية المكتوبة بصورة يومية, حيث يعتمد المجلس في ذلك على بعض قواعد البحث والأخبار الإلكترونية المعروفة مثل ليكس نيكسس وداو جونز إضافة إلى وسائل الإعلام المعروفة بتعبيرها عن أنشطة جماعات معنية بقضايا الإسلام والمسلمين ومؤثرة على الساحة الأمريكية المهتمة بقضايا الشرق الأوسط.
ويقوم المجلس عبر شبكتين إلكترونيتين هما (إسلام إنفو نت) و (كير نت) الصادرتين بالإنكليزية بتلخيص أهم ما يصدر في الإعلام الأمريكي وتوجيههما إلى الإعلاميين والنشطين من المسلمين وغيرهم داخل أمريكا وخارجها.
وهنا يأتي دور مهم آخر تقوم به "كير" ألا وهو أنها تعد مصدراً أساسياً لتزويد الإعلام الأمريكي بالخبراء القادرين على شرح موقف الإسلام والمسلمين وتأتي أهمية هذه النقطة من أن وكالات الإعلام الأمريكية تسعى إلى سد الفجوة الموجودة لدى الرأي العام عن الإسلام وحسب قول عمر أحمد رئيس المجلس فإن هناك فرصة كبيرة لتعريف الأمريكيين بالإسلام وإذا لم يستغل المسلمون هذه الفرصة فسوف يتركون الباب مفتوحا على مصراعيه لسد هذه الفجوة المعرفية.
ويوما بعد يوم أصبحت كير مرجعا تعود إليه كبرى شبكات الإعلام الأمريكية كوكالات
CNN, Washington Post, NY Times فيما يخص الإسلام والمسلمين وبالتالي تمكنت "كير" من أن تفرض على معظم وسائل الإعلام الأمريكي الأمر التالي " لا تقولوا عن الإسلام والمسلمين ما لا تعلمون".

بعض أنشطة "كير"
لعلنا نبدأ من أبرز ما قامت به "كير" حديثاً حيث وزعت الآلاف من نسخ القرآن الكريم المجانية والمطبوعة باللغة الإنكليزية لعدد كبير من الأفراد والمؤسسات ومن يطلب ذلك.
كما أنها قامت بحملتين أساسيتين من الحملات الكبرى لتحسين صورة الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة وهما :
الحملة الأولى التي هدفت إلى إهداء 16200 مكتبة أمريكية عامة بمجموعة مختارة من عدة كتب وشرائط فيديو وكاسيت تتناول الإسلام بصورة صحيحة ومتوازنة وقد تلقت "كير" العديد من ردود الأفعال الإيجابية من المكتبات التي وصلتها هذه الكتب.
أما الحملة الثانية فكانت عبارة عن نشر سلسلة من الإعلانات الأسبوعية لمدة 52 أسبوعا متتاليا في مجموعة من كبريات الجرائد الأمريكية تتناول خلالها الإسلام والمسلمين من زاوية موضوعية سعيا إلى توعية القارئ الأمريكي بحقيقتهما.
إن لتلك الحملات ما يبررها وهو:
- إن موجة التشويه التي تعرض لها الإسلام والمسلمون بعد أحداث 2001 تزامنت مع شعور المواطن الأمريكي العادي بعدم الأمان والخوف من اعتداءات تقوم بها جماعات مسلمة وعربية
إن مساعي المسلمين لتحسين صورتهم لا تزال تفتقر للاستثمار الكافي فيها, حيث يعتبر المسلمين والعرب من أقل الجماعات إنفاقا على صعيد العلاقات العامة ونشاطات اللوبي بالرغم من الانتقادات التي تتعرض لها صورتهم في الولايات المتحدة.
إن تحول المنظمات المسلمة والعربية مثل مجلس العلاقات الأمريكية المسلمة نحو الاستثمار في مجالات العلاقات العامة والدعاية هو تحول هام وضروري جدا في وقت تشتد الحاجة إليه لتحسين صورة المسلمين والعرب في ظل الأزمة الراهنة.

"كير" والكونغرس:
كأي لوبي أو منظمة كبيرة في الولايات المتحدة فإن ل"كير" أيضا علاقات في الكونجرس الأمريكي وهي بذلك تسير بخطوات ثابتة على طريق بناء قاعدة ورصيد سياسيين يمكن استخدامهما في بناء تحالفات ومعالم مستقبل جديد.
يقول جون كونيرز النائب الديمقراطي عن ولاية ميتشجان أنه " بدون شك فإن المسلمون والعرب في الولايات المتحدة يتعرضون لمستوى غير مسبوق من التمييز وبذلك فإن هدفنا المشترك هو مكافحة هذا التمييز أينما وجدناه".
لعل تصريح كونيرز هو أبلغ دليل على نجاح "كير" في عملها فالمجلس استطاع أن يوصل الرسالة التي مفادها أن الإسلام دين يدعو للسلام وهو يتشارك مع المسيحية في العديد من المبادئ والقيم الأساسية وعلى رأسها الإيمان بإله واحد.
لكن ... هل ل"كير" علاقات ومؤيدين في الكونغرس ؟
في الثاني عشر من نوفمبر /تشرين الثاني 2003 نظم عدد من أعضاء مجلس النواب الأمريكي بالتعاون مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية إفطارا رمضانيا في مقر الكونغرس شارك في الإفطار أكثر من 130 مسئولا سياسياً ومساعدي أعضاء الكونغرس وكان من أبرز النواب الحاضرين النائب جرجوري ميكس من الحزب الديمقراطي عن مدينة نيويورك, والنائب دينيس كوسينتش ديمقراطي عن مدينة أوهايو, والنائب جون كونيرز ديمقراطي عن ميتشجان, والنائبة لوريتا سانشيز ديمقراطية عن كاليفورنيا. وقد وصف منسق العلاقات الحكومية في "كير" هذا اللقاء بأنه أرسل رسالة تسامح واحترام للتعددية الدينية لمن يحاولون تأجيج الخلافات الدينية والثقافية في أمريكا و العالم.
وبالإضافة إلى النواب السابقين الذكر هناك نواب تحولوا من معارضين للمؤسسات المشابهة ل "كير" إلى مؤيدين لها, أو على الأقل غيروا مواقفهم المتشددة في كل مايتعلق بقضايا العرب والمسلمين.

كيف أثرت "كير" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
بدأت معالم الوجود السياسي للمسلمين بالظهور بعد أن ترك المسلمون بصماتهم في الانتخابات المحلية في بعض أهم الولايات الأمريكية.
لقد تحدث المحللون عن أهمية دور المسلمين في انتخابات عام 2000 حيث كانت فرص المرشحين الرئيسيين جورج بوش الابن وآل غور للفوز متقاربة جدا الأمر الذي دعا إلى إلقاء الضوء على أهمية دور الأقليات في ترجيح كفة أحد المرشحين.
درست "كير" إمكانية قيام المسلمين بدور المرجح في بعض أهم الولايات الأمريكية مثل "مشيجان" و"أوهايو" و"نيوجيرسي" حيث تتواجد الجالية المسلمة بشكل كبير.
لم يكن هناك مجال للتراجع والتخلي عن المكاسب التي حققها المسلمون خلال انتخابات مجلس النواب لذلك وضعت "كير" بالتعاون مع المؤسسات الإسلامية الكبرى في الولايات المتحدة ثلاث مبادرات إستراتيجية:
المبادرة الأولى كانت وضع أجندة عمل مشتركة للمسلمين ترتكز على تسجيل الناخبين وإقناعهم بضرورة التصويت والمشاركة كسبيل وحيد للتغيير .
المبادرة الثانية تم الاتفاق فيها على أن يصوت مسلمو أمريكا ككتلة انتخابية واحدة لضمان أكبر تأثير في الانتخابات حيث استخدمت "كير" شبكة اتصالاتها الواسعة على الإنترنت والفاكس للتعرف على آراء المسلمين والعرب وآراءهم السياسية وإعلان النتائج تلك في مؤتمرات صحفية كان لها صدى واسع لدى الرأي العام الأمريكي المسلم وغير المسلم ولدى الأحزاب والمرشحين والدوائر الانتخابية بما فيها الرئاسية.
أما المبادرة الإستراتيجية الثالثة فقد كانت أن يدعم المجلس التنسيقي أحد المرشحين دعما علنيا وأن يدعو المجلس مسلمي أمريكا للتصويت لذلك المرشح.

كيف اختار المسلمون الأمريكيون مرشحهم:
إن قرار تأييد مرشح ما يتطلب لقاء كل من المرشحين, ولأن المسلمون يسعون إلى دور بارز في السياسة الأمريكية تم إلغاء خيارين رئيسيين في العملية الانتخابية أولهما: عدم التصويت, والخيار الثاني الذي تم إلغاؤه كان عملية "التصويت الاحتجاجي" أي عدم التصويت لأي من مرشحي الحزبين الأساسيين والتصويت ل"رالف نادر"زعيم حزب الخضر وقد تم رفض هذا الخيار مع كون المرشح الأخير هو الأفضل لحتمية خسارته أمام مرشحي الحزبين الكبيرين الديمقراطي أو الجمهوري.
وقد رأى مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" أن خيار التصويت الاحتجاجي لا يفيد الجالية المسلمة فهو ينجح عندما يكون هناك تواجد ملحوظ لإحدى الجماعات في أحد أو كلا الحزبين وليس كالجالية المسلمة التي هي بحاجة إلى إثبات وجودها أولاً ولا يوجد أفضل من فرصة تقارب المرشحين لاقتناصها لإثبات الوجود إذا تم التصويت ككتلة واحدة وبالتالي إظهار فضل المسلمين وأثرهم في ترجيح كفة أحد المرشحين.
في مارس2000 استقبل بوش في "أوستين تكساس" وفدا من "كير" وبعض قادة المنظمات الإسلامية وقد أبدى بوش استعداده لتلبية مطالب الوفد المتمثلة في إدانة قانون استخدام الأدلة السرية المطبق بشكل تمييزي ضد العرب والمسلمين كما وعد بإعادة النظر في موقفه المتعلق بالقدس والعمل مع الجالية المسلمة والعربية على بناء جسور التفاهم مع العالمين العربي والإسلامي وقد التزم بوش بهذا الوعد في مناظراته الرئاسية التلفزيونية.
أما آل غور فكان له تاريخ حافل في دعم إسرائيل لذلك كان دعم المسلمين له أمرا بعيدا خاصة بعد أن أكد غور ولائه المطلق لإسرائيل باختياره جوزيف ليبرمان كنائب له وتعهده بأن يكون الأخير أول مرشح يهودي للرئاسة الأمريكية في حال فوز غور بالانتخابات.
نتيجة لذلك أعلنت الجنة المنبثقة عن "كير" وعدد من المنظمات الإسلامية الأخرى دعمها لبوش كمرشح مفضل من قبل عرب ومسلمي أمريكا.
وهو الأمر عينه الذي تم في الانتخابات الأمريكية الأخيرة 2004 بين جورج بوش الابن وجون كيري الذي أعلن عددا من المواقف التي لم تسعد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة.

الاتهامات الموجهة ل"كير":
يقول دانييل بايبز Daniel Pipes في مقاله "كير: أصدقاء الإرهاب المعتدلون" أن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية اكتسب منذ تأسيسه سمعة ساعدته على جمع التبرعات والظهور بمظهر محترم في وسائل الإعلام الأمريكية, هذه السمعة جاءت نتيجة لغة التخاطب التي يستخدمها المجلس لتشجيع الناس في شمال أمريكا على تفهم الإسلام والمسلمين بشكل أفضل, لكن وحسب بايبز فإن حقيقة المجلس مختلفة تماما عن ذلك فهو يقع على الجانب الخطأ من "الحرب على الإرهاب" إذ أن المجلس طالب في أكتوبر 1998 بإزالة إعلان كبير في لوس أنجلوس يصف أسامة بن لادن بأنه العدو المؤكد معتبرا هذا الوصف "مهينا للمسلمين.
والمجلس أيضا حسب بايبز دافع عن العديد من الأشخاص المتورطين في قضايا إرهابية مثل عمر عبد الرحمن وموسى أبو معروك المتهم بأنه إرهابي من حماس.
ولا يكتفي دانييل بايبز عند هذا الحد بل يطرح عددا من النقط التي تثير حسب رأيه الكثير من القلق منها: تهديد المسلمين المعتدلين مثل هشام قباني وخالد ترعان الذين رفضا نهج "كير", وتشجيع معاداة السامية باستخدام تعبير"صهاينة – نازيين" عند الحديث عن الإسرائيليين, وأيضا وجود طموحات عدوانية متمثلة بالدعوة لأن يكون الإسلام هو المسيطر في أمريكا.


"كير" اليوم والمستقبل:
على الرغم من الظروف الصعبة التي عاشتها "كير" على مدى أحد عشر عاما إلا أنها ومقارنة ببعض المنظمات التي لها من العمر ما يزيد عن الخمسين عاما فهي وخلال فترة بسيطة تمكنت من كسب رضاء وولاء المجتمع الأمريكي المسلم وأهم من ذلك تخفيف حجم النقد الموجه لها من المجتمع الأمريكي العام.
إن تطور الأقليات الأمريكية وقدراتها يحتاج لفترة كافية من الوقت لتثبيت وجودها على الأرض, و فهم دور المنظمات المسلمة والعربية الأمريكية وإمكانياتها السياسية في الولايات المتحدة؛ يتطلب استعمال منظور شامل يأخذ في اعتباره العوامل المختلفة التي تؤثر على عمل جماعات المصالح الأمريكية.
ولكن الواضح والأكيد أن "كير" فهمت اللعبة الأمريكية وهي اليوم تلعبها بتقانة وبأهداف مدروسة مستعينة بكل طاقتها في مجال العلاقات العامة والاتصال لتحقق ما تريد.
ولعل اللغة التي استخدمها وزير الدفاع الأمريكي في الفترة الأخيرة وتغييره مصطلح الإرهاب إلى مصطلح "مكافحة التطرف العنيف" هو تغير في النظرة الداخلية الأمريكية نحو تحويل الحروب من حروب عسكرية إلى حرب أفكار المنتصر الوحيد فيها هو من يملك الحجة ولغة الحوار المقبول.

المعتز بالله حسن
1-12-2005 مجلة ميديالوجيا & PR