Thursday, October 06, 2005

النقل الداخلي ... وبعدين؟

هيك موضوع ما بينحكى فيه بالفصحى.... لأن الكلمات اللي لازم تعبر عن شعورك كمواطن بهيك قضية ما كانت على زمن تداول لغة الضاد الأصلية.
بتطلع من بيتك عايف حالك ... لأنك ما قدرت تلبي طلبات أولادك المدرسية... وإن أمّـنت هادا الشي فما راح يبقى للمدام مصروف لأغراض البيت من طبخ وكهرباء ومي وهاتف (طبعا ً.. إذا كان عندك هاتف... وأوعى تفكر بالموبايل)
طريقك لشغلك بعيد .. وبيلزمه وسيلة نقل .. وهالوسيلة كانت متوفرة بكميات.. بس الله يهديهم.. قال في كثير باصات بمرآب النقل الداخلي وكله تم تصليحه ودهنه وفرشه وبلورته وتأطيره ليكون جاهز لخدمة المواطن (ونسيوا إن قالب الباص غالب)... ماشي الحال زت ورا ظهرك.
بتطلع عالباص ... ليك الشهادة لله إنه إذا كان بيتك أو الموقف اللي بدك تطلع منّه أول الخط فإنت راح تلاقي كرسي وتقعد ... ( ولا تقوّ لني على لساني ... الله يخليك.. شي أنا ما قلته عن تراكم الباصات أول الخط أو آخره).
المهم... بعد ما طلعت صرت بدك تأدي واجبك وتدفع تعرفة الركوب وبها النقطة لازم تكون حفظت لحالك المعادلة اللي بتقول: الخط القصير بتدفع للسائق خمس ليرات .. ياحبيبي.. بيعطيك كرت مكتوب عليه 4 ليرات بتقطعه من جهة واحدة... ويا حبيبي يا مواطن.. بالخط الطويل بتدفع للسائق عشر ليرات بيعطيك كرت مكتوب عليه 8 ليرات و بتقطعوا من جهة واحدة ...
وطبعا ً هالعملية وهيّه عم تصير بيكون وراك عالباب عشرات المواطنين اللي منهم مين بيعرف هالمعادلة ومنهم لأ.. ويا أخي الحق معهم يدفشوك ويقولولك " يللا .. بعدين بتاخد كمالة الخمسين" لأن الباص بيكون واقف 4 أو 5 أمتار بعيد عن الرصيف ( بغض النظر عن بعده عن الموقف) وبيقدر أي سائق يتجاوز عن يمين الباص اللي عم بيطالع الركاب.
بتحط الكرت بالحصالة .. بتعطيك صوت "بييب" ... بترجع تجرب مرة ثانية وثالثة والناس كل مالها عم تتكوم وراك وبيبقى الصوت "بييييـب" أو أوقات بلا صوت ولا حركة نهائيا ً .. بتصير تخاطب هالحصالة بقلبك "الله يخليكي ... الله يكثر حبراتك اقطعي هالكرت .. د بريها بقا .. والله إذا طلع المفتش مشكلة .. لا معي 25 ليرة حق المخالفة .. ولا أنا لقيان ومتحمل بهدلته واتهامه إلي بسرقة أموال الدولة قدام كل هالعالم .. خلصينا اقطعي هالكرت وخلينا نندحش بين هالناس"
وكأن السائق بيفهمك بشو عم تفكر .. بيقلك: "حط الكرت واضربها (للحصالة!!!) أو اضرب عالكرت"
طبعا ً.. إذا ما عرفت حيكون جواب السائق "شو هلأ ما عاد حدا يعرف يضرب" .. يا أخي والله الحق معه وما في أي عتب على الصيانة تبع المرآب .. الحصالات لساها شباب عمرها كله عشرين أو خمس وعشرين سنة .. إي ما حلها تخرب.
بعد دفع التعرفة وأخذ المعلومات الصوتية من السائق " يا أخي فوت لجوّه .. يا أختي لجوّه الله يخليكي ... لسّا الباص بيوسع .. خلوا هالعالم تطلع!!!" .
طبيعي وقت الذروة بيكون رجال ونسوان واقفين ومرصوصين على بعض .. ولا حدا يقول إلي إنه الرجال لازم يقوموا ويقعدوا النسوان .. أنا والله بقوم وبقعد هالختيارة اللي ما عم تقدر تهدّي من حركة الباص وفراماته .. بس ما عندي إلا مقعد واحد أتبرع فيه.
وإنت بين الأمواج البشرية الرايحة والجاية بتلاحظ إنه باقي موقفين وبتوصل على مكان مؤسستك أو عملك أو مكان نزولك وين ما كنت رايح .. يعني صار لازم تتجه إلى احد البابين في الباص وهي بحد ذاتها معادلة جديدة .. أي باب هو الباب الصحيح للنزول ؟ .. بتذكر وقت كنت خارج البلد .. كان النزول حتما ًَ من الباب الخلفي .. بتحمل حالك وبتبتدي مسيرة الرجوع إلى الخلف (أعني في الباص) أخيرا ً بتوصل عالباب .. بتبحث عن زر يشير للسائق بإنك تريد النزول كما في خارج البلد (والوطن العربي إذا شئت) .. له له له له له .. مافي زر .. طيب والحل؟ .. هون بتظهر النشمية العربية وإغاثة الملهوف .. بيصرخ فيك راكب "خبوط عالباب ياحباب .. نزلو يا معلم" .. بس مافي حدا لحدا, الباص طويل والسائق ماسمع.
http://www.spra-sy.com/website/upload/images/DVC00461-1.jpg
بتبتدي من جديد مسيرة التقدم (أيضا ً أعني في الباص) وبعد ما تكون تجاوزت مكان نزولك بموقف أو اثنين .. بتوصل لقدام السائق وبتقوله " نزلني" .. بيفتحلك الباب إذا كان مسكر (طبعا ً) والباص لسّـــاه بسرعة 40 .. بتستناه ليهدّي بمكان تجمع جديد للمواطنين المنتظرين .. أول درجة بتنزلها بتقلك ختيارة طلعت درجة: " يا ابني النزلة من ورا .. إيمتا راح يتعلم هالشعب" .. بتعتذر لأن الحق عليك .. بتنزل لتلاقي حالك متأخر عن دوامك أو موعدك نصف ساعة أو أكثر..
بها اللحظة ما بعرف إذا كان بيخطر على بالك مثلي .. تسأل أول مواطن بتصادفه عن ورقة وقلم .. لتكتب:
سيادة وزير المواصلات: بعد الحب والتحية والاحترام
نرجو من سيادتكم أن تحلوا لنا هذه المشكلة أو أن تتصلوا بمدير عملنا أو الشخص الذي علينا لقاؤه وتشرحوا له ما نعاني ليغفر لنا فكلمتكم مسموعة.
أو على الأقل .. وبأضعف الإيمان .. أصدروا الأوامر بطبع تذاكر باص عليها التعليمات التالية:
- سعر التذكرة المكتوب عليها لايدل على قيمتها
- لا تنسى معادلة الخط الطويل والخط القصير
- على جميع حاملي هذه التذكرة الخروج إلى وجهاتهم المقصودة قبل ساعة كاملة
- لسنا مسئولين عن فقدان أي موبايل أو مبلغ من المال أو أي حركشة في زحمة الباص
- الرجاء من المواطن الكريم قطع التذكرة والرجوع للوراء فورا ً والاصطفاف مثل "بلوك البناء" حتى يتسع الباص لأكبر عدد ممكن
- على جميع حملة هذه التذكرة في حال عدم عمل الحصالة ضربها لتعمل وفي حال عدم عملها فاضرب الكرت وعند عدم وجود أي نتيجة يرجى إعطاء الكرت للسائق ليمزقه من طرفه .. وإنت وحظك
- عند وجود شكوى الرجاء الاتصال على الرقم (........) ولن يكون مغلقا ً أو خارج التغطية, أو على الثابت ( ....... ) غير المعطل

هون بتوقف وبتقول لحالك .. "طخنتها .. يا" .. شو هالتذكرة اللي بدها تستوعب كل هالتعليمات.
بتفوت مبهدل على عملك .. أو بتسمع كلمتين من الشخص اللي مواعدو .. بتطلع آخر النهار لترجع عالبيت وإنت لسّـــــه عايف حالك .. بتستنى باص لتطلع ومنرجع من أول وجديد .. بس هالمرة وإنت عم تقول "إي ... وبعدين؟؟"
المعتز بالله حسن - دمشق
MATEZHASAN@SHUF.COM